تكبيرات الحج

أولاً: صيغة التكبير في الحجّ
تعدّدت آراء الفقهاء في صيغة تكبيرات الحجّ، وذهبوا إلى عدة صيغ معتبرة، وفيما يأتي بيان أقوال المذاهب الأربعة:
1. الحنفية
قالوا إنّ صيغة التكبير تكون كالتالي:
“الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.
ويجوز عندهم الزيادة بقول:
“الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله وبحمده بُكرةً وأصيلاً، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. اللهم صلّ على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذريّة سيدنا محمد، وسلّم تسليماً كثيراً”.
2. المالكية
يرون أن صيغة التكبير تكون بتكرار:
“الله أكبر” ثلاث مرات، وتُكرّر مرارًا بدون زيادة.
3. الشافعية
أفضل صيغة للتكبير عندهم:
“الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.
4. الحنابلة
يرون أن الصيغة:
“الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.
وهي الصيغة الواردة عن النبي ﷺ.
ثانياً: وقت التكبيرات في الحج
ينقسم التكبير في أيام الحج إلى قسمين:
1. التكبير المطلق:
وهو الذي يُقال في أي وقت من الليل أو النهار، ويُسنّ من بداية عشر ذي الحجة.
2. التكبير المقيد:
وهو الذي يُقال بعد الصلوات المفروضة، ويبدأ في أيام التشريق.
استدل العلماء على مشروعية التكبير بقول الله تعالى:
﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ [الحج: 28].
وقد فسر ابن عباس -رضي الله عنهما- “الأيام المعلومات” بأنها عشر ذي الحجة.
اختلاف المذاهب في وقت ابتداء التكبيرات:
المذهب | بداية التكبير | نهاية التكبير |
---|---|---|
الحنفية | بعد فجر يوم عرفة | بعد عصر آخر أيام التشريق |
المالكية | بعد ظهر يوم النحر | فجر اليوم الرابع من أيام التشريق |
الشافعية | من ظهر يوم النحر | فجر آخر أيام التشريق |
الحنابلة | من ظهر يوم النحر | عصر آخر أيام التشريق |
ثالثاً: التكبير بعد الصلوات
تعدّدت آراء العلماء في الصلوات التي يُشرع بعدها التكبير:
الشافعية: يُشرع التكبير بعد كل صلاة، سواء فرضاً أو نافلة؛ لأنه شعار للوقت.
الحنابلة: يُشرع التكبير فقط بعد الفرائض المؤداة جماعة.
المالكية: لا يُشرع بعد صلاة القضاء، ويُختص بالصلوات المؤداة في وقتها.
الحنفية: يُسن التكبير بعد كل فرض دون تفريق بين مؤداة أو مقضية، أو جماعة أو فرادى.
رابعاً: مواطن ذكر التكبير في الحج
يُسنّ للحاج الإكثار من التكبير والذكر في مواطن عديدة، منها:
عند الانتقال من مزدلفة إلى منى يوم النحر:
كما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي ﷺ كان يخلط التلبية بالتكبير والتهليل.عند رمي الجمرات:
يُستحب أن يُكبّر مع كل حصاة، كما فعل ابن عمر رضي الله عنهما.عند ذبح الهدي:
يُسن قول: “بسم الله، والله أكبر”.في مزدلفة عند المشعر الحرام بعد الفجر:
يُكبر الله ويُكثر من الدعاء والذكر.عند الرجوع من الحج أو الغزو:
قال ابن عمر:“كان رسول الله ﷺ إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة، يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون، ساجدون لربنا حامدون…”.عند استلام الحجر الأسود أثناء الطواف:
يُشرع التكبير في هذه المواضع.عند الصفا والمروة:
يُكبر ويهلل ويستقبل القبلة ويدعو.عند الاتجاه من منى إلى عرفة:
يُستحب الذكر والتكبير والتلبية، لما في يوم عرفة من فضل.
خامساً: تعظيم المسلمين لشعيرة الحج
الحجّ يزرع في قلب المسلم تعظيم شعائر الله، ويحقق التقوى، ومن مظاهر هذا التعظيم:
اجتناب المحظورات: كقص الشعر، وقتل الصيد، والتطيّب.
أثر الحج في النفس والجوارح: فهو يربط بين الظاهر والباطن، ويهذب السلوك.
من أعظم مقاصد الحج: إقامة ذكر الله، ومنه التكبير، في عرفة، ومزدلفة، وأيام التشريق، وبعد الحج.
خلاصة:
تكبيرات الحج شعيرة عظيمة تميّز أيام العشر وأيام التشريق، وهي من أعظم مظاهر ذكر الله في هذه الأيام المباركة. وقد اختلف العلماء في صيغتها وتوقيتها، لكنهم أجمعوا على مشروعيتها وأهميتها في إحياء الروح الإيمانية في قلب الحاجّ والمُسلم على السواء.